fatima2009 عضو جديد
عدد الرسائل : 24 مقر العمل : alger
| موضوع: المقامة التربوية الإثنين سبتمبر 27, 2010 1:06 pm | |
| * ـ خرج طفلاً ، وكان غفلاً ، لا يعلم شيَّا ، في المهد صبيا ، لا يعرف مطلبه ، ولا يدرك مأربه بهيمي الطلب ، في الجد واللعب ، ديدنه البكاء ، فرحه وألمه سواء ، لا يفهم الطلب ، ولا المسبب والسبب والده في عناء ، سعادة أو شقاء ، وأمه هدها التعب من كثرة الشغب ، في ضحكه السعادة في صغره وكبره والولادة ، أما البكاء فهو عذاب ، في الولادة والشباب ، كلامه مناغاة ، وبعده مناجاة يقلد الألفاظ ، ويسمع الوعاظ . في أسرته ربا ، وزاد ونما ، نشأ وترعرع ، وكبر وسطع ، وفكر وأبدع ، تربيته متراكمة وخبرته متزاحمة ، تعلم الكلام ، ونطق السلام ، وأمسك الأقلام ، كتابته شخبطة ، وأحلامه ملخبطة . ملك في مملكته ، لا ينازع في حكمه ، يطلب ويطاع ، ويُعصى بقدر المستطاع ، أمره منفذ ، وليس لأحد منه منقذ ، ينادي فيلبى ، ويأخذ المخبى . يسرح ويمرح ، يلعب ويفرح ، تزرع في عقله الفكرة ، وتصير شجرة بعد بذرة ، ثم زهرة وثمرة لا يؤاخذ على الهنة ، وليس لأحد عليه منة . أعوامه متولية ، وعلومه متعالية ، أبوه ساس التربية ، صحيحة أو تعمية ، حتى صار ستا مستوية ليست أمتا ، ذهب المدرسة ؛ لينهل المعرفة ، والخبرة المشرِّفة . وهنا تكون الكارثة ، ولما عرفه جارفة ، فيحدث الشقاق ، ويتصايح الرفاق ، فلم يألفوا النظام والانضباط والانتظام . الكل واقف ينتظر ، وقلبه سينفطر ، من كلمة يصيح ، كأنه ذبيح ، وأبوه يهدهده وعقله يهدده اختلفت الأمور ، عن بيته والدور . كان هذا اليوم الأول ، أَمْرٌ عليه يُعَوَّل ، وتلاه يوم ثانٍ حتى انتهى الأسبوع ، وكان له الخضوع وانتظم في صفه ، مع إخوة من سنة ، فكانت رحلة التعليم ، مع المعلم العليم ، والعلامة الفهيم . أخذت به الأفكار ، في كل ساعة تثار ، أحيانا تهدد ، وأخرى تندد ، ومعلم يطالب ، وطالب يشاغب ، حصة محددة ، وسبورة ومنضدة ، ولكل طالب مقعد ، باسمه محدد ، في ظهره حقيبة ، كانت تسمى عيبة ، تسبب الإعياء ، وتحفظ الأشياء . ويسكت العيال ، ويسرح الخيال ، وفكرهم يصول ، وكلهم يقول : قد كنت يوما لاهيا ، عن كل شيء ساهيا ، واليوم أؤمر اسكت حتى أصبحت كالبسكت . توالت الأيام ، ورفرفت أعلام ، وكلنا غلام ، في صفنا معلم ، لدرسه مصمم ، وكل يوم يطلب من حفظنا ما يصعب ، ويكثر العتاب ، يريدنا شباب ، ويبتغي مآب . وفي فترة محددة ، علومها مجددة ، كان بها التقويم ؛ ليُعرف العليم ، والطالب السليم ، ويرسل الخطاب ، ويسعد الأحباب . فانقسم الطلاب ، متميز ومعاب ، وأرسل الخطاب ، وطُلب الجواب ، تسلم الأب الاستدعاء وفتح الوعاء ، وكان له عناء ، فضاق صدر الأب ، لكنه يخبي ، وصار من أمره في حيرة ومن زملاء ابنه في غيرة . عاتب الأب ابنه ، رقق له لفظه ، مظهرا من عطفه ، ما يوحي بلطفه . قال له أي بني : ألم أعطك كل شي ؟ هل بخلت بما في يدي ؟ ألم يكن جيبك ملي ؟ إذن لماذا هذه النتيجة ؟ في السنة الأولى الجديدة . قال له الابن : يا أبت لا تغضب ، ومن نتيجتي لا تعجب ، فلست ابنا جاحدا ، ولمستواي لست عامدا ، لكن أريد المعذرة ، وسماع قولي ثم المغفرة . في بيتنا كنت الملك ، لا تسألني وأسألك ، وأعطيتني ما تملك ، كنت أنا الحاكم ، أحكم بلا محاكم ، ولا أجد المعاكم ، حتى أتيت المدرسة ، وبدأت الممارسة ، فوجدت لطبيعتي خوارق وأصبحت معارفي غوارق . كانت طبيعتي برغبتي ، وصارت ضد محبتي ، كنت آخذ ما أشاء ، وأدع ما لا أشاء ، وصرت آخذ ما أشاء ، وما لا أشاء ، وما أكثر ما لا أشاء ، كثر علي السؤال ، ولا أعرف المآل ، فإذا عرفت أجبت ، وإن لم أعرف سكت . لكنني يا أبت طوال هذي الفترة ، كان وقوفي بكثرة بسبب قصر الكرسي ، وكان فيه تعسي أوارتفاع المنضدة عن قامتي والمعدة . يناظرني معلمي ويسكت ، وآخر يأمرني واجلس ، فخمس ساعات وقوف ، كلها قلق وخوف . معلمي بحالتي قد يعلم ، ويدرك ويفهم ، لكن ليس لديه حيلة ، أو الإتيان بالبديلة . فكرت ترك المدرسة ، من آلامها المتعسة ، لكن ذكرتك يا أبي فقلت : أنا طفل أبي ، ولن أجني على أبي . لبى الأب نداء المدرسة ، وصافح المدير في مجلسه وانتظر المعلم ؛ ليبحث الخبر المؤلم . في مجلس الرضا والاختيار ، الذي ضم الفضلاء الأخيار ، جلس المعلم والأب ، وكلهم ربٌّ يربُّ ، صفاتهم شرعية ، وعقولهم محمية ، من الجهل والحمية . فتكلم الأب المعلم ، عن الابن المغمم ، فقال : ابنكم لا ينتبه للدرس ، كأنه في عرس مشغول عنا دائما ، ولا يريد لائما ، إن سُئل سكت ، وإن لم يسأل سكت ، لا يشارك الأخوان أو يعاون الأعوان . الواجب عنده مؤجل ، وإلى الغد معطل ، حاولت منه السبب ، ليبطل عندي العجب ، زملاؤه في صفه ، الكل حافظ درسه ، وهو يعيش في تعاسة ، بدون حزم أو كياسة . فقلت : أنت الأب ، ولكل شيء مذهب ، عسى هناك أمل ، ومستقبل يؤمل ، ويتحقق المطلوب فابننا محبوب . همهم الأب في سره ، وكان في حيرة من أمره ، وقال : هذا المعلم داهية ، سيجعل حجتي واهية ، لكنني سأنتصر ، ولو جلست العصر . قال الأب للمعلم : أنا أتيت مسلم ، استلهم الصواب ، وابتغي الجواب . بني ثمرة قلبي ، وقرة لعيني ، أرضي له ذليلة ، سمائي عليه ظليلة ، إن سألني أعطيه ، وإن تركني أعطيه ، ريحانتي الفواحة ، وعيني السواحة . ربيته أحسن تربية ، بادية وخافية ، حتى أتى للمدرسة ، في رحلة متعسة ، ومشية مهسهسة لا يعرف الحل لها ، في صعبها ، أو سهلها . الكرسي حطم فخذه ، والمنضدة كسرت ظهره ، طوال يومه واقف ، يساير المواقف ، وإذا وصل للبيت ، يذهب للمبيت ، في فرشه ممدود ، على غير عهده المعهود . عاتبته بعد الخطاب ، لم لا تكن كالطلاب ، وتحفظ الدروس ، وتسعد النفوس . أخبرني مما يعاني ، وحطم في نفسي الأماني ، وهذا سبب إخفاقه ، من ألفه ليائه . وأنت أيها المعلم ، في عزمك مصمم ، همك حفظ الدرس ، قبل دق الجرس ، لم تتعرف حاله ولم تجب سؤاله ، وما آل إليه مآله . فانبرى المعلم للأب ، بقوله أنا المربي ، أنقي لهم الفطرة ، وأجعل سيرتهم عطرة ، أبعدهم عن الانحراف ، وأمنعهم من الانجراف ، أعدل الخطيئة ، المستعجلة والبطيئة ، لا أنزل العقاب وأفهم الخطاب ، وأعطيهم الجواب . مطالب بمنهج ، والكل مثلي ينهج ، من صفه قد يحرج ، أو طالب قد يخرج ، للصف الآخر يعرج ، أو يبقى يهرج . لست أنا الوحيد ، في المدرسة الصنديد ، في رفقتي عضيد ، ومنهم الشديد ، لا أحدًا يحيد طريقنا سديد . وأنتم هنا في غفلة ، تعطون أنفسكم مهلة ، حتى يكون اليأس ، وفي الرأس تقع الفأس ، لا تعرفون درس اليوم ، والواجب قبل النوم ، ترددون " أنا مشغول"، ولست أنا المسئول ، هذا ابنكم ، أوغول تزول عنه ، أو تحول . المدرسة هذي لكم ، ومعلمها أخ لكم ، ومديرها من شعبكم ، وكل ما فيها لكم . حاول تزور المدرسة ، في كل شهر من سنة ، أو كل نصف سنة ؛ لتعرف حالة ابنك ، ويفخر بحبك ، وقربك عن بعدك . ولا تكن لنا لائم ، تدير لنا العمائم ، لا كلمة لحائم ، أو بسمة لعالم . نكس الأب رأسه ، ثم تناول فأسه ، وقال أيها المعلم : لا تحسب أني ظالم ، أو أنني لا أفهم القول عندك هين ، تشدد وتليِّن ، تفصِّل وتعيِّن ، وابني هنا ينتظر ، كأنه ينتحر ، من فعلكم ينشطر ، ومستقبله يتعثر . أعطيتكم كالزهرة ، المتفتحة النضرة ، وصار عندك شجرة ، أوراقها مبعثرة ، في ظلها منثرة وأغصانها مكسرة . أريده كالسدرة ، تنتج كل بذرة ، يحمل عنكم راية ، يوصلها للغاية ، ويكون خير جليس للصاحب النفيس ، وذكره يرفع رأسي . بني جوهرة نقية ، فطرته سوية ، ساطعة أبية ، قد كان في البيت ملك ، لا يسأل عمن هلك حتى إلى المدرسة سلك . ثم هدمتم ملكه ، وخرقتم طبعه ، وأغرقتم قاربه ، لم تعرفوا طبيعته أو تدركوا خصيصته ؛ ليسهل العلاج ، ويحصل الإنتاج . موسى كليم الله ، بعلمه الإلهي ، لم يستطع مع الخضر ، من فعله أن ينتظر ، حتى سأل ما هذ؟ ولم فعلت هذا ؟ ولم لم تأخذ أجر هذا ؟ . والعبد كان قد اشترط ، ألا يُسأل عن شيء قط ، وموسى أبى أن يحتمل من فعله ما قد حمل ، وكان بينهما فراق كما بين مصر والعراق .
هذا بسبب خرق العادة ، تهرب منها السعادة ، والنوم على الوسادة . وهل كان ابني موسى ، أو كنت أنت عيسى ، بإذن الله تحيي الموتى ، بوكزة من صعدة ، تجعله حيا بعد موتة . هذي عقول غامضة ، كالعيون الغامضة ، لا تعرف منها النون ، حتى تفتح الجفون . فحاول أن تدركها ، قبل أن تُغرقها ، بعلوم لا تعرفها ، ولا تلبسها سربال ، أو عمة وشال تكون عليها وبال . عينه بك معقودة ، ونفسه بنفسك مودودة ، حسنه ما صنعت ، وقبحه ما تركت ، علمه ولا تجبر ، ولا تترك وتهجر ، روِّهِ من الحديث أشرفه ، ومن النشيد أعفه ، ولا تنقله إلى علم حتى يحكمه ، فإن ازدحام الكلام في القلب مشقة للفهم . حول الأب شخصت الأبصار ، وخزرته الأنظار ، وبعضها قد جحظت ، لما رأت من علمه ولحظت. فتقدم المدير ، للكرسي يدير ، وبدأ الكلام ؛ ليرفع الملام . فقال : نحن أسرة ، في بيتنا أو مدرسة ، همنا هذا الطالب ، يحقق المطالب ، ويكون أحسن قدوة ، لغيره وأسوة ، الابن هذا ابننا ، هو منا ولنا ، وله علينا ولا لنا ، في سنه هذا المنى . فيما يخص الإدارة ، سنوجده بجدارة ، وما يخص المعلم ، فإنه قد لَهِمَ ، ولقولك قد فهم . وأنت أيها الأب لا تحرمنا من رؤيتك ، وعلمك ومعرفتك ، وكن دوما عونا لنا ، فالابن منك لنا ندعو له في صبحنا أن يحفظه من شر الأنا . فأشرق وجه المرشد ، وقال أنا إمام المسجد : أعدل الأخلاق ، وأهذب الأشواق ، وأطرد الأفَّاق. الكل هنا ابني ، وللسلوك العام ابني ، بالصوان لا باللبن ؛ ليكون جبلا ابني . اليوم أحسن مناظرة ، الكل فيها مفخرة ، وأطلب من الله المغفرة ،عما مضى دنيا وآخرة . هذه الأسرة السعيدة ، في يومها هذا وليدة ، وفي غدها شديدة ، سنيها مديدة . فإذا المعلم يرحل ، لرأس الأب يقبل ، وتماسك الاثنان ، كأنهما يلتقيان ، في ساعة من زمان . وخطى الأب نحو المدير ، بيديه إليه يشير ، واحتضنا بعضهما ، وسقط العقال في وسطهما . وأنت يا مرشدنا فالفضل منك لنا ، تحضنك قلوبنا . نرجو من الله العلي ، أن يجعل القلب خلي ، من شغل هذه الدنيا الدني ، وأن يجعل الفردوس مسكننا ، والجنة الخضراء موطننا ، وزمرة الأنبياء والشهداء زمرتنا . ظل الجميع واقفين ، يريدون شيئا ليس عارفين ، حتى ابتدر الأب والمعلم ، في لفظة واحدة لا نترك هذا اليوم ، يمضي بلا رسوم ، نريد أن نحتفل ، في المدرسة قبل الحفل . غرد جرس الصرفة ، فانطلقوا من الغرفة ، صفوة من صفوة . بعد أن تم الاتفاق ، أن يكتب هذا الوفاق ، ويرسل إلى المدارس ، وكل أب وغارس ، وموظف وحارس ، وعامل ممارس . فالتفت إليَّ المدير ، بإصبعه يشير ، طالبا مني الاسم ، والوسم والرسم . فقلت له : أنا المسعري محمد علي ، صاحب هذه المقامة ، لكي تكون علامة ، للتربية والتعليم ، يحفظها كل فهيم .
| |
|
ahmad4444 عضو جديد
عدد الرسائل : 13
| موضوع: رد: المقامة التربوية الأربعاء نوفمبر 17, 2010 11:36 pm | |
| | |
|
Asma GH عضو جديد
عدد الرسائل : 6
| موضوع: رد: المقامة التربوية الإثنين يناير 02, 2012 7:04 pm | |
| mééééééééééèèèèèèèèèèèèèèèrci. | |
|