Admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 1284
| موضوع: ظاهرة العقاب البدني واللفظي في التربية السبت ديسمبر 13, 2008 4:10 pm | |
| ظاهرة العقاب البدني واللفظي في التربية ذ. عزيز بوستّـا (شعبة علوم التربية) رغم أن موضوع العقاب في التربية طُرح للنقاش من طرف مختلف الفاعلين في الحقل التربوي، على المستويين الوطني والعالمي منذ عقود، كما اهتم به المفكرون في الحضارات السابقة؛ الإسلامية واليونانية وغيرها، فيما نسميه بالأدبيات التربوية، إلا أنه رغم ذلك، مازال يحتفظ بأهميته وراهنيته للأسباب التالية:1 ـ مازال العقاب البدني واللفظي سائدا في مؤسساتنا التربوية باختلاف مستوياتها الأولية والأساسية وغيرها.2 ـ ظاهرة العنف (المرتبطة بالعقاب) لا يخلو منها أي بلد في العالم، وقد بلغت درجات قصوى في بعض البلدان الغربية تمثلت في إطلاق النار على التلاميذ والمدرسين...3 ـ كنا قبل العقد الأخير نستنكر ظاهرة انتشار صور العنف في الأفلام والرسوم المتحركة التي يشاهدها الأطفال، فأصبحنا اليوم نُقذف بآلاف صور العنف والتقتيل الحية والواقعية والمبثوثة مباشرة أحيانا عن أطفال ونساء وشيوخ يُقتلون ويُقطعون أشلاء، فيما يمكن أن نسميه عقابا جماعيا للشعبين العراقي والفلسطيني...موضوع العنف والعقاب إذن، جدير بأن يحتل صدارة نقاشاتنا، وما دمنا نعمل بالمجال التربوي، سنقتصر على تحليل البعد التربوي لهذه الظاهرة.I ـ مظاهر العقاب في المؤسسات التربوية وأسباب وجودها:لا بد من الإشارة – في البداية- إلى النقص الكبير في البحوث التربوية الميدانية التي أُنجزت حول هذا الموضوع، بحيث لا نملك رصداً دقيقا للحجم الحقيقي لهذه الظاهرة في مؤسساتنا التربوية، ليس هناك سوى بحوث متواضعة تشمل التعليم الابتدائي فقط، أما التعليم الأولي فلا زال في حاجة إلى دراسات علمية ميدانية. كما يجدر التنبيه إلى الصعوبات الكبيرة التي تعترض كل من يريد دراسة هذا الموضوع دراسة علمية موضوعية، فلا الاستمارات ولا الاستبيانات ولا الاستجوابات كافية لجمع معطيات جاهزة عنه، لأنه يتعلق بموضوع "محرم"، يصعب الإدلاء بالرأي الصريح حوله، كما يصعب على الباحث أن يستطلع رأي الطفل أو موقفه منه، أو أن يعرف حقيقة ما يتعرض له الطفل من عقوبات، لأن الباحث يظل بالنسبة للطفل شخصاً غريبا وممثلا في نفس الوقت لسلطة الراشد... وحتى استجواب الآباء واستطلاع آرائهم حول هذا الموضوع يخضع لمؤثرات ذاتية قد تُضخِّم منه نظرا للروابط العاطفية بين الآباء وأبنائهم، أو عكس ذلك قد تستهونه إذا كان الأب سلطويا في تعامله مع أبنائه ...رغم النقص الملحوظ في دراسة هذا الموضوع ميدانيا، يمكننا القول من خلال ملاحظاتنا التلقائية وخبراتنا الشخصية، ومن خلال خلاصات بعض الدراسات التي أجريت في التعليم الابتدائي (1)، أن ظاهرة العقاب العنيف مازالت منتشرة في مؤسساتنا التربوية، وتأخذ عدة مظاهر منها:1 ـ العقاب البدني بأدوات معينة كالعصي والحبال والمساطر وغيرها، أو باللطم والصفع والقرص...2 ـ العقاب العنيف دون استخدام أدوات: كإيقاف الطفل خلف الباب، أو في مواجهة الحائط الخلفي للقسم مع رفع إحدى رجليه أو دون رفعها لمدد متفاوتة.3 ـ العقاب اللفظي المتمثل في السّب والشتم والاستهزاء والسخرية...4 ـ العقاب بالإهمال وعدم إعارة أي اهتمام لما يقوم به الطفل من أعمال ونشاطات تربوية وتعلمية...5 ـ العقاب بالتنقيط (نقطة الصفر، النقطة الموجبة للرسوب)6 ـ العقاب بالواجبات والفروض، كإرغام الطفل على كتابة كلمة أو جملة أو فقرة عشرات أو مئات المرات .7 ـ <<العنف النفسي وفرض الرأي بصفة تسلطية وكبت حرية التعبير>>(2).ـــــــــــــــــــــــــ. | |
|
Admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 1284
| |
Admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 1284
| موضوع: رد: ظاهرة العقاب البدني واللفظي في التربية السبت ديسمبر 13, 2008 4:13 pm | |
| ـ الموقف من العقاب:
1 ـ حجج المؤيدين للعقاب: غالبا ما يدافع المؤيدون لوسيلة العقاب البدني في التربية عن موقفهم بالأدلة الآتية:
ـ ما دام العقاب البدني شائعا في المجتمع والأسرة، يستحيل إزالته من المؤسسة التربوية، وإلا أصبحت هذه الأخيرة مجالا لتفريغ شحنات الطفل نتيجة العنف الممارس عليه خارج المؤسسة. لأن الطفل في هذه الحالة لا يرتدع بوسائل أخرى غير العقاب... لذلك علينا أن نفكر في محاربة كل الأساليب العنيفة في تعاملنا مع الطفل خارج المدرسة قبل الشروع في ذلك داخلها.
ـ العقاب وسيلة ناجعة لتقويم سلوك الطفل، وإلا سقط في الانحلال، فيصبح مدللا. لذا لا يجب إطلاق العنان لنزعات الطفل الفجة...
ـ العقاب يساهم في تقوية مكانة وشخصية المدرس أو المربي، وانعدامه يؤدي إلى ضُعفها.(10)
وتجدر الملاحظة بهذا الخصوص إلى أن أغلب المؤيدين للعقاب، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، يتحدثون عن العقاب التربوي المعتدل وغير المبالغ فيه، والذي لا ينعكس سلبيا على شخصية المتعلم.
2 ـ حجج الرافضين للعقاب البدني:
ـ العقاب وسيلة بدائية لا تتناسب مع التطور الحضاري الذي عرفته الإنسانية...
ـ العقاب يؤدي إلى تمرير الراشد للطفل لمبدأ غير أخلاقي هو أن الحق للأقوى، فالراشد يعاقب لأنه الأكبر والأقوى. وهذا يلغي فضيلة الحوار وأسلوب الإقناع والاقتناع.
ـ تركيز المربي على العقاب يؤدي إلى الانتباه للأخطاء فقط، وإهمال الدعم والتشجيع.(اعتبار الطفل متهما إلى أن تثبت براءته).
ـ الطفل المُعاقَب يُحِسّ بلا جدوى القيام بأي مجهود جديد، خشية الوقوع في الخطأ الذي تتلوه العقوبة.
ـ العقاب العنيف له انعكاسات خطيرة على شخصية الطفل ومستقبله، فهو يؤدي به إلى: *فقدان الثقة في النفس. *الانطواء والخجل. *عدم القدرة على المواجهة. *عدم القدرة على تحمل المسؤولية. *كراهية المُربِّي والمؤسسة التربوية. *ينشأ الطفل على الخوف أو التمرد والعصيان. *التسرب الدراسي أو عدم التوافق الدراسي.(11)
ـ العقاب لا يفرض احتراما حقيقيا للمدرس من طرف الأطفال المعاقبين، بل هو احترام مصطنع، كما أن أفضل السبل لتقوية شخصية المدرس يكون بالتعامل التربوي الإنساني، لا بممارسة أية سلطة قهرية.
ـ إذا كان العقاب سائدا في المجتمع والأسرة لأسباب عديدة، فإن المؤسسة التربوية عليها أن لا تعيد إنتاج القيم السلبية السائدة، لتكون رائدة في مجال تنمية المجتمع وتطويره وتحديثه.
خلاصة:
ُيجمع كل الفاعلين التربويين على خطورة العقاب البدني المبالغ فيه على تكوين شخصية الطفل. إلا أن العقاب إذا خضع لقيود تربوية صارمة، يمكنه أن يكون مفيدا في تربية الأطفال، كما سنرى ذلك من خلال آراء بعض علماء النفس والتربية.
وجهة نظر عالم النفس دانييل لومبير (Daniel Lambert) (12):
بعد تأكيده على خطورة العقاب العنيف للأطفال، يرى دانييل لومبير أن العقاب، ليكون تربويا، لا بد للمربي من اتباع المعايير الآتية:
ـ يجب أن يرتبط العقاب بهدف رئيسي، وهو أن يستوعب الطفل أننا غير راضين عن سلوك معين لكي لا يُعيده.
ـ يجب أن تحصل العقوبة مباشرة بعد السلوك الخطأ، لأن مفهوم الزمن لدى الأطفال الصغار يختلف عن مفهوم الكبار له.
ـ علينا أن نقيم ربطا منطقيا بين العقوبة والخطأ المرتكب.
ـ يجب الثبات فيما نطالب به الطفل، وعدم نسيان أو تغيير طلباتنا.
ـ علينا أن نتأكد من أن ما نطالب به الأطفال ممكن التحقق ومناسب لسنهم.
ـ أن نتأكد من أن عقوباتنا لا تحمل أي أعراض جانبية أو تأثيرات سلبية على الأطفال.
ويضيف بعض الباحثين (13) معايير أخرى ك:
ـ ضرورة أن يتناسب العقاب مع درجة الإساءة أو الخطأ، لا مع درجة مخالفة أو مضايقة الراشد وغضبه، لأن العقاب لا يجب أن يكون انتقاما أو تنفيسا عن غضب الراشد وانفعاله.
ـ عدم إهانة الأطفال أو تهديدهم أو تجريمهم.
ـ إشراك الأطفال في إصلاح أخطائهم، كلما تأتى لنا ذلك.
ـ تفادي مطالبة الأطفال بوُعُود لن يتمكنوا من الالتزام بها، أو أن نطلب منهم المسامحة والاعتذار عن موقف لا يفهمونه.
وجهة نظر الباحث الإيراني محمد تقي فلسفي (14):
يؤكد هذا الباحث أن لا جدوى من العقاب البدني، بل له تأثيرات سلبية على الطفل، لذلك دعت تعاليمنا الإسلامية إلى تجنبه. كما يرى<<أن للعقوبات التي تُرجَّحُ فيها الوسائل العاطفية والأخلاقية على الوسائل المادية تأثيرا كبيراً، ففي مثل هذه العقوبات بدلا من أن يُحرم الطفل من الماديات يجب السعي للتأثير في قلبه ونفسه ووجدانه وعزته وغروره، فإن لم ترتبط المحروميات المادية مع مشاعره وعواطفه فإنها تفقد طابع العقوبة>>(15)
لعل أهم ما يمكن استخلاصه من كل ما سبق، هو أن للعقاب البدني العنيف عواقب خطيرة على نمو الطفل وتكوين شخصيته، وإن كان لا بد لنا كراشدين (مربين أو مدرسين أو آباء وأمهات) من تقويم أي انحراف في سلوك أطفالنا، فليكن ذلك بأساليب تربوية تحفظ كرامتهم وتصون حقوقهم، وتهيئهم لتحمل المسؤوليات الجسيمة التي تنتظرهم في بناء عالم الغد المُفعم بالتحديات. | |
|
Admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 1284
| موضوع: رد: ظاهرة العقاب البدني واللفظي في التربية السبت ديسمبر 13, 2008 4:13 pm | |
| الهوامش:
(1) راجع دراسة السيدة الأندلسي: <> B.EL Andaloussi, Publiée avec l'appui de l'UNICEF 2001 2) هذه العبارة مقتطفة من مذكرة لوزارة التربية الوطنية والشباب في موضوع: <<ظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية>> صدرت بالرباط في 23 شتنبر 1999.(3) وهي ظاهرة شهدتها كافة المجتمعات في العصور السابقة، وتشهد بذلك العديد من كتابات مفكري عصر النهضة وعصر الأنوار في أوروبا، كما عكستها كتابات بعض المفكرين في القرون الوسطى الغربية كالقديس أوغسطين.(4) راجع بهذا الخصوص أحمد احدوتن <<الخطاب التربوي بالمغرب>> سلسلة المعرفة للجميع رقم 28 ص ص 35-36...(5)و(6) المختار السوسي <<مدارس سوس العتيقة>> عن المرجع السابق ن.ص.(7) نفس المرجع السابق ص 21-22.( المختار السوسي <<كتاب المعسول>> عن المرجع السابق، ص63. وهناك شهادات لفقهاء آخرين من مناطق مختلفة من المغرب لا يتسع المجال لذكرها، أمثال الفقيه العربي بن عبد الله المساري (توفي في النصف الأول من القرن 13 هجري) من خلال منظومته <<سراج طلاب العلوم>> وكذلك أحمد بن عبد المأمون البلغيتي (المتوفى بفاس سنة 1929م) من خلال كتابه <<الابتهاج بنور السراج>> راجع المرجع السابق ص 63.(9) [يقول ابن سحنون في كتابه <<آداب المعلمين والمتعلمين>>: عن كيفية معالجة أي خطأ يصدر من الطفل: <<وهذا أدَبُه إذا فرّط فتثاقف عن الإقبال على المعلم، فتباطأ في حفظه أو أكثر الخطأ في حزبه أو في كتابة لوحه، من نقص حروف وسوء تهجية، وقبح شكله وغلطه في نقطه... فإن اكتسب الصبي جُرما من أذىً ولعب وهروب من الكُتّاب وإدمان بطالة، ينبغي للمعلم أن يستشير أباه أو وصيه إن كان يتيماً ويُعْلِمه بجرمه إن كان يستأهل من الأدب (الضرب) فوق ثلاث>> ص 312-313] كتاب <<الخطاب التربوي بالمغرب>> المشار إليه أعلاه، ص.110.(10) راجع بهذا الخصوص موقعا تربويا على شبكة الأنترنيت لمجموعة من الفاعلين التربويين، حيث نجد مقالا هاما بعنوان <<من أجل عودة العقاب إلى المدرسة>> نقتطف منه الفقرة التالية:<< Plusieurs enseignants font un burn-out ou une dépression parce qu'avec la montée de la violence, ils ne peuvent plus contrôler la classe et ils ont peur de punir, peur de la réaction du parent, de l'élève. La perte de contrôle est très fréquente ajoutent les chercheurs.>> voir : http://www.journaldemontreal.com/Montreal-Societe/112943.html (11) ابن خلدون يُلخص هذه السلبيات بكثير من العمق في التحليل حينما يقول: << أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم وذلك أن إرهاف الحد بالتعليم مضر بالمتعلم سيما في أصاغر الولد لأنه من سوء الملكة ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا به القهر وضيق عن النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه وعلمه المكر والخديعة لذلك وصارت له هذه عادة وخلقا وفسدت معاني الإنسانية التي له من حيث الاجتماع والتمرن وهي الحمية والمدافعة عن نفسه ومنزله وصار عيالا على غيره في ذلك بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتها فارتكس وعاد في أسفل السافلين وهكذا وقع لكل أمة حصلت في قبضة القهر ونال منها العسف ...>> <<مقدمة ابن خلدون>> دار القلم، بيروت 1984 الطبعة الخامسة الجزء الأول، ص. 540-541.(12) راجع الموقع التربوي الآتي على الأنترنيت: http://www.webdlambert.com (13) راجع موقع (discipline) التربوي على الأنترنيت http://www.cf.geocities.com/toupetits/discipline (14) يقول محمد تقي فلسفي: << إن العصر الحديث يخطئ من الناحية العلمية والتربوية ، طريقة ضرب الأطفال وإيذائهم بغية التأديب ، ويكاد يمنع الضرب في جميع الدول الحية فيحذر الآباء والأمهات في البيت ، والمعلمون في المدرسة ، عن ضرب الأطفال بصورة أكيدة. قد يتصور البعض أن هذه النظرية مبتكرة في عصرنا الحاضر ، وأن الانتباه إلى أهمية هذا الموضوع حصل في الحديث فقط . بينما نرى من الضروري أن نرفع هذا الوهم عن أذهان أولئك ونقول بصراحة : إن الاسلام سبقهم إلى ذلك ... فعلاوة على الروايات في المنع من ضرب الأطفال ، أفتى الفقهاء المسلمون في القرون الماضية بحرمة ذلك في رسائلهم العملية التي تعد المناهج اليومية لعمل المسلمين. « قال بعضهم : شكوت إلى أبي الحسن(ع) بناً لي ، فقال : لا تضربه واهجره ... ولا تطل » . ففي هذا الحديث نجد أن الإمام يمنع من ضرب الطفل بصراحة ، مستفيداً من العقوبة العاطفية بدلاً من العقوبة البدنية ... >> من كتاب <<الطفل بين الوراثة والتربية>> لمحمد تقي فلسفي، ترجمه عن الفارسية فاضل الحسيني الميلاني، دار التعاريف للمطبوعات، بيروت لبنان. ص. 393-394.(15) نفس المرجع السابق ص. 394. | |
|