بعــد الاستقـــلال، انخرطت الأطر التعليمية على قلتها في مشروع مجتمعي بكل تحدياته و اكراهاته، و استطاعـــت قيادة ريادته لعقود و تزعم حركات ثقافية و سياسية نشيطة عبر انتاجات علمية غزيرة
و اهتمام بكل ما يهم المواطن المغربي.
فماذا حدث حتى خبت هذه الحماسة في رجل التعليـــم المعاصر؟ و لماذا تقهقرت وضعيته الاعتبارية؟
أكيد أن وضعية رجل التعليم حاليا ليست هي الوضعية التي يستحقها و لا التي يتمناها، و هكذا بعد أن كان يصنف ضمن نخبة الطبقة المتوسطــة بكل امتيازاتها تدحرج إلى الطبقة الكادحة ، وبعد أن كان مؤطرا لكل الحركات الاجتماعية و مساهما فعـــالا في النهضة العلمية و الثقافية للبلاد ، أصبح شغله الشاغل هو الحركة الانتقالية و جدول العطل.......
إن هذه الوضعية-الظاهــرة تشكلت بفعل توليفــة من المؤثرات التي قد تبدو عفويــة و قد تبدو مخطط لها ، تراكمت و تناسلت خلال السنين الأحيرة و التي لا يمكن أن نحصرها بسبب تداخلها مع عوامل أخرى ( شخصية ، استعدادات....):
1-فتــح المجال لدخـــول مهنة التعليم حتى لمن لا يتوفر على كفاءات دنيا لمزاولته
حيث قامت بعض مراكز التكوين بقبول كل المترشحين في بعض السنوات، و اقدام الوزارة على إدماج مباشر لأفواج دون تكوين ولا انتقاء ، و هذا ساهم في الوضعية بوجهين:
أولا: احبـــاط الأساتذة الذين كانوا تلاميذ متفوقين و اختاروا مهنة التعليم ، ليجدوا جنبا إلى جنب مع زملاء كانوا تلاميذ شبه فاشلين.
ثانيا : وجود مجموعة من المدرسن الغير الأكفاء يساهم في تشكيل صورة منتقصة من المدرس لدى المجتمع .
2- ارتفاع تكلفة العيش دون رفع موازي في راتب المدرس ، أرغمته على الانغماس في دوامة القروض الاستهلاكية و عدم القدرة على تخصيص جزء منه لمواكبة التطور الثقافي و العلمي و حتى البيداغوجي.
ورغم كل هذا مازال في الميدان ، رجال تعليم يتميزون بهيبتهم العلمية و نبالة أخلاقهم ليبقى التعليم من بين أشرف المهن.