مصوغة سوسيولوجيات المدرسة وسيكولوجيات المراهق
1-يهتدي نظام التربية والتكوين للمللكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية، وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالإستقامة والصلاح، المتسم بالإعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم في أرحب آفاقها والمتوقد للإطلاع والإبداع والمطبوع بروح المبادرة والإنتاج النافع.
2-يلتحم النظام التربوي للمملكة المغربية بكيانها العريق القائم على ثوابت ومقدسات يجليها الإيمان بالله وحب الوطن والتمسك بالملكية الدستورية. عليها يرين المواطنون مشبعين بالرغبة في المشاركة الإيجابية في الشأن العام والخاص وهو الواعون أتم الوعي بواجباتهم وحقوقهم متمكنون من التواصل باللغة العربية، لغة البلاد الرسمية تعبيرا وكتابة، متفتحون على اللغات الأكثر انتشارا في العالم، متشبعون بروح الحوار وقبول الإختلاف وتبني الممارسة الديموقراطية، في ظل دولة الحق والقانون.
3-يتأصل النظام في التنراث الحضاري والثقافي للبلاد، بتنوع روافده الجهوية المتفاعلة والمتكاملة وسيحقق حفظ هذا التراث وتجديده وضمان الإشعاع المتواصل لما يحمله من قيم خلقية وثقافية.
4-يندرج النظام في حيوية نهضة البلد الشاملة، القائمة على التوفيق الإيجابي بين الوفاء للأصالة والتطلع الدائم للمعاصرة، وجعل المجتمع المغربي يتفاعل مع مقومات هويته في انسجام وتكامل وفي تفتح علتى معطيات الحضارة النسانية العصرية وما فيها من آليات وانظمة تكرس حقوق الإنسان وتدعيم كرامته.
5-يروم نظام التربية والتكوين الرقي بالبلاد إلى مستوى امتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا المتقدمة والإسهامات في تطويرها بما يزيد قدرة المغرب التنافسية، ونموه الإقتصادي والإجتماعي والإنساني في عصر يطبعه الإنتاج.
الغايات الكبرى:
6-ينطلق إصلاح نظام التربية والتكوين من جعل المتعلم بوه عام، والطفل على الاخص، في قلب والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية، وذلك بتوفير الشروط وفتح السبل أمام أطفال المغرب ليصقلوا ملكاتهم، ويكونون منفتحين مؤهلين قادرين على التعلم مدى الحياة.
وإن بلوغ هذه الغايات ليقتضي الوعي بتطلعات الأطفال وحاجاتهم البدنية والوجدانية والنفسية والمعرفية وإن بلوغ هذه الغايات ليقتضي في الوقت نفسه نهج السلوك التربوي المنسجم مع الوسط العائلي إلى الحياة العملية مرورا بالمدرسة.
مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين:
ومن ثم، يقف المربون والمجتمع برمته تجاه المتعلمين عامة، والأطفال خاصة، موقفا قوامه التفهم والإرتقاء والمساعدة على التكوين التدريجي لسيرورتهم الفكرية والعملية، وتنشئتهم على الإندماج الإجتماعي، واستيعاب القيم الدينية والوطنية والمجتمعية.
7-وتأسيسا على الغاية السابقة ينبغي لنظام التربية والتكوين أن ينهض بوظائفه كاملة تجاه الأفراد والمجتمع وذلك:
أ-بمنح الأفراد فرصة اكتساب القيم والمعارف التي تؤهلهم للإندماج في الحياة العملية، وفرصة مواصلة التعلم، كلما استوفوا الشروط والكفايات المطلوبة، وفرصة إظهار النبوغ كلما اهلتهم قدراتهم واجتهادهم.
ب-بتزويد المجتمع بالكفايات من المؤهلين والعاملين الصالحين للإسهام فغي البناء المتواصل لوطنهم على جميع المستويات كما ينتظر المجتمع من النظام التربوي أن يزوده بصفوة من العلماء وأطر التدبير، ذات المقدرة على زيادة نهضة البلاد مدارج التقدم العلمي والتقني والإقتصادي والثقافي.
8-وحتى يتسنى لنظام التربية والتكوين إنجاز هذه الوظائف على الوجه الأكمل، ينبغي أن تتوخى كل فعالياته وأطرافه تكوين المواطن بالمواصفات المذكورة في المواد أعلاه.
9-تسعى المدرسة المغربية الوطنية الجديدة إلى أن يكون:
أ-مفعمة بالحياة بفضل نهج تربوي نشيط بتجاوز التلقين السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي والقدرة على الحوار والمشاركة في الإجتهاد الجماعي.
ب-مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسين فضائها النسبي والمجتمعي والثقافي والإقتصادي.
10-على نفس النهج ينبغي أن تسير الجامعة وحري بها أن تكون مؤسسة منفتحة وقاطرة التنمية على مستوى كل جهة من جهات البلاد وعلى مستوى الوطن ككل.
أ-جامعة منفتحة ومرصد للتقدم الكوني والعلمي والتقني وقبلة للباحثين الجادين من كل مكان، ومختبرا للإكتشاف والإبداع وورشة المهن، تمكن كل مواطن من ولوجها او العودة إليها، كلما حاز الشروط المطلوبة والكفاية اللازمة.
ب-قاطرة للتنمية، تسهم بالبحوث الأساسية والتطبيقية في جميع الحالات وتزود كل القطاعات بالأطر المؤهلة والقادرة ليس فقط على الإندماج المهني فيها، ولكن أيضا على الرقي بمستويات إنتاجها وجودتها بوتيرة تساير إيقاع التباري مع الأمم المتقدمة.
بعض المبادئ الأساسية للملاحظ سوسيولوجي:
1-الحياد الأكسيولوجي:
على عالم الإجتماع أن يلاحظ الواقع من الداخل كما لو كان غريبا عن ذلك الواقع، بحيث يتجنب إصدار أحكام قيمة بتصنيف الأفعال التي زيلاحظها إلى أفعال صائبة أخرى غير صائبة. إن هدفه الرئيسي يتجلى أساسا في التحليل والتأويل: باختصار إنه يتجلى في فهم الواقع الملاحظ دون الحكم عليه. إنه بطريقة ما يضع مؤقتا آراءه اتلخاصة جانبا. واختياراته والأشياء التي يفضلها حينما يكون بصدد قراءة الواقع الذي يلاحظه، فأثناء التحليل لا يميل إلى وضع الأشياء التي تعجبه ويحبذها شخصيا.
هذه باختصار قاعدة أساسية من قواعد المنهج السوسيولوجي.
2-الإعتماد على الملاحظة الميدانية:
لا يوجد هناك عمل سوسيولوجي بدون مجموعة من الإجراءات الميدانية لأجل اختبار فرضيات البحث، فعالم الإجتماع او الباحث السوسيولوجي يلجأ باستمرار إلى لقاءات Entretien أو مقابلات. يلاحظ مظاهر معينة، اجتماعات، كما يلجأ إلى الأرشيف والإحصائيات. كل هذا يشكل بالنسبة إليه معطيات يستند إليها أثناء التحليل.
ذلك لأن هدفه هو استخراج معاني ودلالات لواقع عادي ... إنه بخلاف الباحثين الآخرين مسلح بتصور نظري أولي.
3-تنظيم النتائج:
الملاحظ السوسيولوجي لا يضيع وقته في سرد ما رأى وسمع، عليه ان يقوم بتأويل المادة الامبريقية والمعطيات التي جمعها، والهدف من التأويل هو استخراج مبادئ عامة تسمح ببناء قوانين سوسيولجية حول سير المجال الإجتماعي، فالقانون او القاعدة السوسيولوجية لا تكتب من طرف الأفراد بل هي تجريد انطلاقا من الملاحظة الميدانية...
وثيقة رقم 1:النزاعات:
لا يعيش التلاميذ تجربتهم المدرسية بوتيرة واحدة، إذا كان التعبير عن الإنشراح يأتي على قائمة المشاعر التي يدعي التلاميذ الإحساس بها داخل المؤسسة، فإن القلق والإحساس بالروتين والتذمر يأتيان مباشرة بعد ذلك. هذه الأحاسيس لها ارتباط وثيق طبعا بالنتائج المدرسية: من غيرهم (79% في مقابل 54%) بينما حدث العكس حيث (27% في مقابل 18%) حسب دراسة 1996 Marthenden.
كما بين (1996) Dubet et Natrucelle، ان التلاميذ يتدمرون من السلوكات الغير عادلة والغير منصفة للأساتذة، غير ان الإنتقادات الموجهة لهم محددة ومحدودة بمدى تأثير القيم التي تلقنها المدرسة.
النزاعات بين التلاميذ خصوصا الذكور هي في المقابل ظاهرة معروفة، فهي تبقى مقبولة ومتجاوزة، من جانب المدرسين خصوصا الرجال أي الذكور منهم الذين يعتبرونها وسيلة "طبيعية" في بناء الهوية الذكورية .. العراك واستعمال القوة البدنية هو تأكيد لسلطة الكبار على الصغار، وسلطة الذكور على الإناث، اللواتي لا يحسسن بأنهن تحظين بدعم الأساتذة إذا ما لجان إليهن ليشتكين من الذكور. ولهذا السبب تشكلن مجموعات وتحاولن تجاهل التلاميذ- الذكور- (1987 Clarrigoales). في ظل وضع اجتماعي وسياق متميز بتعدد الإنتماءات الإثنية، قد تحدث نزاعات ذات طبيعة ثقافية او عنصرية دراسة (Hanna) (1982) بصدد مدرسة تجريبية منذ مدة بالولايات المتحدة، أظهرت أن الأطفال السود والبيض يتعاركون ويتصارعون حيث تسعى كل جماعة لإقصاء الأخرى، دراسة أخرى بانجلترا (1993 Carallay)، أبرزت ان الذكور ذوو الأصول الإفريقية ينظر إليهم كعناصر مهددة لزملائهم نظرا لخشونتهم أثناء الحصص الدراسية ولكونهم يجلبون الفتيات ويتحدون الأساتذة.
Maric. Duru-Bellat : Sociologie de l’école. Am audeclin 1999, p 204.
وثيقة رقم 4: الطرق والأساليب التربوية:
أغلب الدراسات التي تناولت الفوارق بين الأوساط الإجتماعية، اهتمت أساسا بمجال الأساليب التربوية، حيث إن أغلبها انطلقت من فرضية كون الأسر في الأوساط الإجتماعية الشعبية تتميز باللجوء إلى المراقبة الصارمة والعقاب الجسدي على عكس الطبقات الوسطى التي تعتمد بالدرجة الاولى على نوع من الترهيب أي العقاب السيكولوجي-كالعزل والتهديد بعدم الإهتمام- أو تلجأ إلى الحكمة ومعالجة الأشياء.
الدراسات الميدانية الأخيرة بينت أن ارتفاع المستوى المعاشي والدراسي وانفتاح الأسر على الخارج فضلا عن تأثير علماء النفس والأطباء والصحافة المتخصصة يؤديان إلى انتشار نموذج الطبقات الوسطى. ورغم ذلك، نجد تنوعا كبيرا في أساليب التربية الأسرية. بفرنسا تععرض الباحث (1980) Lautery لأثر النمو المعرفي على ثللاثة "أنماط" أسرية: النمط أو المحيط: المحيط ذو البنية المرنة والمحيط المتشدد. فبالنسبة للثاني هناك قواعد للتعامل لكنها متفاوض في شانها مع الأطفال وقد كان لها نتائج إيجابية على الأطفال.
ومن خلال الجمع بين بعدين، التحكم (درجة الإكراه والضغط) والدعم (درجة الحميمية الوجدانية) للآباء والأمهات، ميز (1980) Baumaind بين ثلاثة أساليب عند عينة من الأسر الأمريكية: الأسلوب "المتساهل" (تحكم ضعيف ودعم وحميمية مرتفعة)، والأسلوب "السلطوي" (تحكم شديد ودعم وحميمية منخفضين)، والأسلوب "الصارم" (التحكم والحميمية مرتفعين).
لكن دراسة مقارنة بين نماذج عائلية من السود بالولايات المتحدة، علائلات يتميز أبناؤها المراهقون بنتائج مدرسية إيجابية وأخرى يصادف أبناؤها تعثرت، قد بينت أن الأسلوب "الصارم" Autoritaire المتميز بالتشجيع الأسري ووجود قواعد واضحة لتعامل الأبناء داخل وخارج المنازل، والمراقبة الصارمة المضبوطة لأوقات الخروج بالإضافة إلى الأهمية التي تعطى للحوار بين الأبناء والأولاد، هو الأسلوب المميز لأسر التلاميذ المتفوقين (1983 Clark). في المقابل الأسلوبين الآخرين أعطيا نتائج سلبية حيث يشجعا أكثر على الإهتمام بالتعلم، وسلوكات مشينة ...إلخ.
Marie. Duru-Bellah, Sosiologie de l’école. Armand colin, 1996, Paris, P 174.