ويلاحظ على العلاقات الإنسانية داخل نسق المؤسسة التعليمية أنها قد تكون علاقة فردية أو علاقة جماعية، وقد تكون علاقة إيجابية أو علاقة سلبية. وقد يطبعها ماهو مثالي وماهو واقعي حقيقي. ولكن العلاقات الإنسانية الجيدة الحقيقية هي العلاقات الوظيفية الفعالة المثمرة التي تساهم في إثراء النسق وخدمته وتنميته والرفع من مكوناته البنائية والدينامكية القائمة على العمل الجاد والحقيقة الواقعية و الالتزام بروح المسؤولية والتفكير الواقعي والتخطيط البناء والتنفيذ الاستراتيجي الميداني.
هذا، وقدطالبت التربية الحديثة ( دوكرولي- فرينه- كوزينه- ديوي...) إلى ربط المدرسة بالحياةوالواقع العملي والانفتاح على المحيط السوسيواقتصادي من أجل تحقيق أهداف برجماتيةنفعية وعملية من أجل تحقيق المردودية الكمية والكيفية أو الجودة للمساهمة في تطويرالمجتمع حاضرا ومستقبلا عن طريق الاختراع والاجتهاد والتجديد والممارسة العملية ذاتالفوائد المثمرة الهادفة كما عند جون ديويDEWY أو جعل المدرسة للحياة وبالحياة كماعند دوكروليDOCROLY أو خلق مجتمع تعاوني داخل المدرسة كما عند فرينيه. إذاً،فالمدرسة كما قال ديوي ليست إعدادا للحياة بل هي الحياة نفسها.
وفي نظامناالتربوي المغربي الجديد نجد إلحاحا شديدا على ضرورة انفتاح المؤسسة على محيطهاالسوسيواقتصادي عبر خلق مشاريع تربوية وشراكات بيداغوجية واجتماعية واقتصادية معمؤسسات رسمية ومدنية ومع مؤسسات عمومية وخاصة كالاتصال بالسلطات والجماعات المحليةالحضرية والقروية والمجتمع المدني والأحزاب والجمعيات وآباء وأمهات التلاميذوأوليائهم والمقاولات والشركات والوكالات والمكاتب العمومية وشبه العمومية قصدتوفير الإمكانيات المادية والمالية والبشرية والتقنية. كما دعت الوزارة إلى تطبيقفلسفة الكفايات أثناء وضع البرامج والمناهج التعليمية – التعلمية من أجل تكوينمتعلم قادر ذاتيا على حل الوضعيات والمشاكل التي ستواجهه في الحياة العمليةالواقعية. ولم تعد المدرسة كما كانت مجرد وحدة إدارية بسيطة منعزلة ومنغلقة مهمتهاتطبيق التعليمات والبرامج والقوانين، بل أصبحت مؤسسة فاعلة في المجتمع تساهم فيتكوين وتأطير قوة بشرية مدربة قادرة على تسيير دواليب الاقتصاد وتأهيل المجتمعصناعيا وفلاحيا وسياحيا وخدماتيا. و ارتأت الدولة أمام كثرة النفقات التي تصرفها فيمجال التربية والتعليم و أمام المنافسة الدولية الشديدة وضرورة الاندماج في سوقتجاري عالمي موحد يراعي مقتضيات العولمة ومتطلبات الاستثمار التي تستوجب أطرا عاملةمدربة وذات مؤهلات عالية أن تنفتح المؤسسة التعليمية على سوق الشغل قصد محاربةالبطالة وخاصة بين صفوف حاملي الشواهد العليا وتزويد السوق الوطنية والمقاولاتبالأيدي العاملة المدربة خير تدريب والأطر البشرية ذات الشواهد التطبيقية والعمليةوالتي تتصف بالكفاءة والجودة قصد تحقيق تنمية شاملة على جميع الأصعدة والمستويات. كما أن انتهاج المغرب لسياسة اللاتمركز أو السياسة الجهوية جعلته يتنازل عن مجموعةمن الامتيازات و الصلاحيات والسلطات على مستوى المركز قصد خلق التسيير الذاتيالجهوي أو المحلي أو المؤسسي في إطار اللامركزية والقرب والديمقراطية. وهذا التسييرالمحلي أو الجهوي يتطلبان الدخول في شراكات فعالة مع كل المؤسسات الحكومية والمجتمعالمدني والأسر والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية من أجل دعم المؤسسة التربويةوالمساهمة في تحسين ظروفها وإيجاد الموارد المادية والمالية والبشرية والتقنيةللرفع من مستوى ناشئة المستقبل عن طريق تأهيلها تأهيلا جيدا. ولكي تنفتح المدرسةعلى محيطها عليها أن تحسن الإدارة التربوية من معاملاتها التواصلية وعلاقاتها معالأطراف القادرة على المساهمة والمشاركة في إثراء النسق التربوي وتفعيله مادياومعنويا كالمفتشين وأعضاء مصالح النيابة والجماعات المحلية والسلطات المحلية والأسروجمعيات الآباء وأمهات التلاميذ وأوليائهم وجمعيات المجتمع المدني والفاعلينالاقتصاديين.
تلكم هي نظرة موجزة عن النسق التربوي بصفة عامة والنسق المدرسيبصفة خاصة، وقد قلنا بأنه يتسم بالبنائية والوظيفية إلى جانب خصائص أخرى كالتواصلوالانسجام والاتساق والتكامل والشفافية والانفتاح على الواقع والحياة الخارجية. وقدأثبتنا بأن انفتاح المدرسة على محيطها الاجتماعي والاقتصادي استوجبته كثير منالحيثيات الظرفية والسياقية كالعولمة والبطالة والمنافسة الدولية ومتطلباتالاستثمار وترشيد النفقات عن طريق خلق شراكات ومشاريع المؤسسات والارتكان إلى سياسةاللاتمركز لتحقيق شعار الجهوية و الجودة والقرب والديمقراطية المحلية .