ديننا قائم على الطهر والنقاء، والوضوح والصفاء، والصدق والوفاء، واضح في أحكامه، جلي وصادق في تشريعاته، “نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء”.دعانا الى جمال الظاهر، وحسن السمت، وطهارة البدن، وأمرنا بصفاء النفس، وطهارة الفؤاد، ونقاء القلب، وسلامة الصدر. قال الحق جل وعلا في الحديث القدسي الجليل: “إن الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم وأعمالكم”.
لقد حذر الدين من الغش، وهذه الكلمة مأخوذة من الغشش وهو المشرب الكدر، ولها معان متعددة، تأتي بمعنى عدم النصح، وبمعنى الغل والحقد، وبمعنى سواد القلب وعبوس الوجه.
ومفهوم الغش واسع، فهو ليس في البيع والشراء فقط بل هو أشمل من ذلك وأعم، فكل ما لم يصدق فيه المرء من نية أو قول أو عمل فهو غش، قال صلى الله عليه وسلم: “من غشنا فليس منا”، وهذا معناه تبرؤ من الغاش وتنكر للخائن وثورة في وجه المخادع، فالغش من كبائر الذنوب وعظائم المعاصي وفظائع الخطايا، يدل على خبث النفس وظلمة القلب وسواد الفؤاد. وأعظم أنواع الغش أن يغش الإنسان نفسه فلا يصدق لها في النصيحة ولا يقيمها على الدين، قال تعالى: “قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها”.
والغش في البيوع والمعاملات ميدانه واسع ومجاله فسيح، تزل فيه الأقدام وتكثر فيه الآثام.
إن الغش كبيرة من الكبائر ومحرم أشد التحريم، موجب لمقت الله، جالب لسخطه، سبب في عقوبته، إنه أكل للمال بالباطل وإنبات للجسم من الحرام، وأيما جسم نبت من الحرام فالنار أولى به.
وهناك الغش في النصيحة، قال صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة”، وكذلك الغش في الدعوة لله، وهناك الغش في الوظيفة بالتقصير في العمل، وهناك الغش في المدارس بإعطاء الطالب ما لا يستحق، فالغش يجمع أسوأ الصفات وأقبح المعاصي، فهو يجمع الكذب والبهتان والزور والمكر والخداع والنصب وخيانة الأمة وعدم الرضا بقدر الله، فهو ظلمات بعضها فوق بعض، أجارنا الله وإياكم من أهله وحفظنا.
الجمعة يوليو 09, 2010 5:09 am